اتحاد كرة القدم الفلسطيني و استشراف المستقبل لتقدم المنتخب



الان و قد هدأت الأمور و تمخضت بطولة آسيا عن خروج المنتخب الفلسطيني و اضطررنا لقبول  هذا. الواقع والتعامل معه بعقلانية وتقيم مهني آن الأوان ان يتم الإجابة بموضوعية و بطريقة عملية و علمية  على التساؤل ما هو واقع حال المنتخب و ما هو متوقع منه من نتائج في المستقبل القريب و البعيد و ما هي الخطوات التي يجب ان تتم من اجل تحقيق هذه النتائج

لقد كان الامل في ان يحصل  المنتخب الفلسطيني على فوز في احدى المباريات في بطولة آسيا املا منطقي و خاصة عندما يتم استعراض أداء الفرق التي كانت ضمن المجموعة  فعندما يتم تقييم أداء منتخب استراليا الذي لم يرتقي إلى التوقعات و كذلك اداء منتخب سوريا الذي هو أيضا لم يرتقي إلى ما كان متوقعا ، وحتى فريق الأردن الذي كان أداءه أفضل مما كان متوقعا ، فان هذه الفرق لم تقدم أي لاعب يمكن  وصفه إلا بأنه ند و لا يقل مهارة عن أي لاعب في منتخب فلسطين. إن ما أوجع القلب و يجعل السؤال عن السبب هو عدم تمكن الفريق من إحراز أي هدف بالرغم من انه في مبارياته السابقة في استراليا و بالرغم من الخسارة الا انه تمكن من إحراز هدف وبعد أربع سنوات من ما يفترض من زيادة في الخبرة و التدريب يخرج من المنتخب من البطولة ليكون هو و منتخب اليمن الوحيدين في البطولة الذين لم يتمكنوا من إحراز أي هدف .

غياب خطة لعب محكمة التفاصيل وأسلوب ممنهج للهجوم  ادى إلى الحال الذي وجد المنتخب نفسه فيه، و علينا الإجابة بوضوح وبصراحة مع الذات هل سنكتفي في أن تكون مشاركة المنتخب في البطولات تقتصر على الحضور واللعب من أجل أن  لا نخسر؟

الالتزام  من أجل تحقيق نتائج أفضل و النهوض  بمستوى المنتخب وتحسين الأداء المنتخب لتحقيق أحلام وآمال أفراد المنتخب ومشجعيه وجمهوره يتطلب من الجميع مراجعة دقيقة و استشراف ما تتطلب المرحلة القادمة من عمل جاد و من أشخاص ذو كفاءة عالية و مهنية متفوقة و إدارة ذات بصيرة و رؤى مستقبلية  تمكنها من دعم مواهب شابة بحاجة إلى قيادة خلاقة

على إن التغيير الذي يجب أن يحصل يبدأ من إنهاء التعاقد مع نور الدين ولد علي الذي كان من المفروض أن يكون عمله
مع المنتخب الفلسطيني فرصة ذهبية له  ولكنه أضاعها و مما زاد في طينه بلة انه لم يكن هناك أي  مسائلة أو محاسبة للذات أو استعداد لمراجعة النفس أو تحمل المسؤولية . فألقى اللوم  على كل من يخطر أو لا يخطر في البال بداية من اللاعبين و الاتحاد و الصحافة و التلفاز

لقد سنحت لي الفرصة و شاركت في عدة مؤتمرات  صحفية خلال بطولات عدة و في كل لقاء كان المدير الفني بكل أمانة ووضوح يتحدث عن الأخطاء و العثرات و يتحمل كامل المسؤولية ولا  يلقي اللوم بينما خلال المؤتمر الصحفي للسيد نور الدين فكان عبارة عن فرصة له لتوجيه اللوم و للهجوم الغير اللائق و لا داع له على الصحافة و الصحفيين المتواجدين ، فلقد كان يحاول تبرير أخطاءه بأن التقصير كان من الأطراف الأخرى وليس منه . وفي جواب مخزي لسؤال من مراسل قناة BBC قال بأن انديتنا ليست معتادة على البطولات آسيا ولا على المشاركة بها

ايعقل ان يكون هذا هو جواب مدير المنتخب ؟   كيف يمكن أن يكون تبرير اداء أو خسارة بأن المشاركة في بطولة آسيا لم تكن عرفا أو تقليدا و بالتالي لم يرتقي الأداء ؟ اهذا منطق يحكم اداري واجبة الأول و الأهم مراعاة معايير عملية و علمية و فنية على درجة عالية من المهنية  تكون هي أسس الإدارة و التقييم؟ ألم يكن أفضل أن يقدم جواب ينم عن معرفة ودراية بأصول التقييم الفني والتقني ؟

كان أمام الجهاز الفني للمنتخب العديد من الخيارات من حيث اختيار اللاعبين للمشاركة في بطولة آسيا ، اللاعب الفلسطيني متواجد في العديد من النوادي في جميع أنحاء المعمورة و هناك لاعبين ذو خبرة في نوادي في أوروبا و امريكا الجنوبية و لكن الذي اختار خالد سالم و استبعد كل من صالح شحادة و احمد عوض و محمود عيد و اسلام البكران هو السيد ولدعلي

كما ان قول السيد ولد علي ان على المنتخب ان يتعلم كيف لا يخسر هو قول مهين من شخص لا يقدر و لا يكن أي احترام لما حقق المنتخب طوال السنين والجهود الجبارة التي ساهمت في إيصال المنتخب من العدم إلى الوجود.  

المنتخب خسر ثلاث مباريات قبل انضمام ولد علي كمدرب المنتخب في أيار الماضي وخسر منذ انضمامه ست مباريات ، التقييم الصحيح واجب و محاسبة النفس وإعادة النظر في الأسلوب والمنهج أمر أساسي لا يجب أن يكون هناك خلاف عليه و ذلك لتغليب المصلحة العامة فوق و قبل كل شئ

ان اعتقاده بأن لا داع  للهجوم وأن الفريق لا يملك ما أو من يمكن له ان يحقق هوجم ناجح هو خطأ فادح ارتكبه بحق نفسه وبحق اللاعبين و بحق المنتخب و بحق الاتحاد. وبحق الجمهور الذي توقع  ان يشاهد منتخبه يمارس خطة لعب محكمة التفاصيل لا يغيب عنها عنصر أساسي في لعبة كرة القدم . كما انه اهدر فرص لمشاركة بعض اللاعبين الذين قرر استبعادهم و إبقائهم  على مقاعد الاحتياط طوال فترة البطولة هو قرار جائر وغير مبرر

ان  الاستمرار في هذا الأسلوب من الخطط والتنفيذ لا يمكن أن يؤدي إلا إلى المزيد من الاستبعاد الاختياري من قبل اللاعبين و ان يحظوا بخطوة كخطوة تامر صيام الذي فضل الابتعاد و التقاعد المبكر عن الاستمرار

ان نتائج بطولة آسيا ٢٠١٩ تؤكد بأن التزام المدير و خطة لعب ممنهجة هما عناصر أساسية تحقق النجاح فعلى سبيل المثال اليابان و منذ ثلاثين عاما و هي تسعى بجد و تخطط و تعمل على تطوير خطة لعب فكانت النتيجة ان المنتخب الياباني شارك كمبتدء و ناشئ  في عام ١٩٨٨ إلى ان حصل على لقب البطولة في عام ١٩٩٢ و المثال الآخر هو دولة قطر التي استثمرت الجهد و العمل على صقل مواهب النشئ في الأكاديمية و كانت النتيجة تتويجهم ابطال و حصولهم على اللقب

ولكن ليكون واقعنا بين أعيننا فالكل يعلم بأن فلسطين لا تملك من المال و المادة ما تملكه كل من قطر و اليابان و لا يمكن لنا أن نتوقع بأن نتمكن من تطبيق ما قامت به اليابان أو ما قامت به قطر بالرغم من وجود مواهب و ارض فلسطين خصبة بما تقدمه من نشئ واعد وموهوب لديه قدرات يتم صقلها بممارسة كرة  القدم بالفطرة و الإبداع ، و ان الفرص التي يقدمها الاتحاد للاعبين تمكنهم من اكتساب مهارات و خبرة تزيد من فرص تحسين أدائهم . و ان نجوم فلسطين من لاعبين من أمثال عبداللطيف البهداري و رمزي صالح قد ساهموا في شق الطريق لمواهب الجيل الجديد مثل محمود وادي و مصعب البطاط و محمد صالح و عدي دباغ ليتمكنوا من اللعب باحتراف ضمن الدوري المحلي  هؤلاء تم رعايتهم ضمن الاتحاد و امكانياته

اللاعب الفلسطيني متواجد في كل مكان وفي العديد من بقاع العالم ويمكن للمنتخب ان يحصد من خبرات هؤلاء الذين مارسوا و اكتسبوا خبرات و مهارات  

المطلوب هو العمل الدؤوب والجاد من أجل تحسين و زيادة فرص تأهل المنتخب للالعاب الاولمبيه ٢٠٢٠  في طوكيو و كأس العالم ٢٠٢٢ في قطر

ان الموهبة و الدراية لا يقتصرون على اللاعبين بل هم مطلوبين عند الإداريين  لذا يجب استقطاب مدير يملك شغف إدارة الموهبة وصقلها و لديه القدرة و العلم الكافي و التقنية والفنية التي تمكنه من دعم اللاعبين و بعث فيهم المثابرة وتمكينهم من الأداء بمستوى عال على مستوى فردي و كفريق واحد متماسك مؤمن في فرصه في النجاح و تحقيق الهدف

العمل على جميع الأصعدة و من جميع الأطراف مطلوب البدء به دون أي تأخير وفي الحال  في البدء فورا في محاولة علاج تراجع مركز المنتخب في التصنيف و ذلك من خلال التحضير و العمل على إدراج مباراة ودية ما بين المنتخب و منتخب ذو تصنيف اعلى من منتخب أفغانستان و الفوز سيحقق نقاط لصالح المنتخب و يمكنه من استعادة مركزه المتقدم في التصنيف الآسيوي لكي يكون احدى المنتخبات ذو التصنيف الثاني قبل قرعة تصفيات كأس العالم٢٠٢٢ في شهر يوليو.

ان المنتخب بحاجة الى قيادة تملك الرؤية و إمكانية التخطيط  من أجل تفادي
تراجع في المركز و خاصة ان قبل أربع سنوات  تراجع في المركز فرض على المنتخب أن يلتقي منتخب الإمارات ومنتخب السعودية في تصفيات كاك العالم و كأس آسيا المزدوجة و إمكانية حصول هذا وارد  إذ لم يتم اتخاذ خطوات جادة ومدروسة بدقة ، شخص مثل عبد ناصر بركات يمتلك الخبرة و لديه من الإنجازات ما يمكنه من العمل مع المنتخب لما لا تقدم له الفرصة لفترة مؤقتة ويتم قرار اعتماده كمدير بناء على النتائج .

أن اُسلوب التقيم بناءا على النتائج عرف متبع و يمكن الإستفادة منه و خاصة انه يحمو قضية الشخصنة  و يحصر الموضوع بمعادلة اداء – نتائج – تقييم

و عنصر أساسي في التقييم هو أخذ بعين الاعتبار كلام اللاعبين دون استثناء و في محاولة جادة مني لفهم و نقل الصورة  فلقد تحدثت مطولا وأكثر من مرة الى جميع أفراد المنتخب فلقد تحدثت مع اللاعب الذي شارك في جميع المباريات و الى اللاعب الذي جلس على  خشبة الاحتياط و لم يحظى بلحظة واحدة على أرض الملعب وكان اتفاق الجميع بأن المدير الحالي كان واضحا جدا في انه لا يملك اي ثقة في اللاعبين ، هذا أخطر شيء يمكن أن يحصل بين لاعب وإداري.

إن ما يحتاج إليه أي لاعب في أي نوع من الرياضة وخاصة كرة  القدم هو الشعور بثقة وإيمان الإدارة فيه وبناء خطوط الاتصال و التواصل وبناء جسور الثقة تحتاج الى خبير إداري يمتلك ملكة القيادة بكل معنى لهذه الكلمة  فهو طموح الى ابعد الحدود يرى مستقبل أفضل و يرى الواقع و لديه من الخطط والأفكار والطرق الخلاقة لتحقيق المستقبل

وكان هناك إجماع على الاقتراح بأن يتم تعيين مدير اجنبي ، إن أفراد المنتخب متلهفين أن يتعلموا و ينهلوا من خبرة شخص ممكن ان يقدم لهم ما هو جديد ويذهب بهم الى ما هو ممكن ويبعث فيهم الأمل وحب التحدي و المثابرة وتطوير الذات .

أن فرصة إدارة منتخب فلسطين فرصة عوائدها  متعددة مما يجعلها جاذبة للعديد أن مركز فلسطين ضمن أول ١٠٠ فريق حسب تصنيف الفيفا خلال  الثمانية عشر الماضية وخسارته أربع مباريات رسمية خلال الأربع سنوات و كما ان الفريق الأولمبي حصل على المركز السادس في بطولة آسيا للشباب، أن قيادة متمكنة و جيدة يمكن لهذا الفريق أن يحرز نتائج ممتازة و يحقق مراتب متقدمة .  ان المنتخب لا يحتاج الى ثراء مادي لاستقطاب نجوم باهظة السعر و النجم و حده لا يضمن النتائج . الفريق يحتاج إلى عناصر متكاملة و جميعها في نفس الأهمية وأن اختلاف مدى أهميتها لا يقلل من أثرها ، والإدارة الناجحة هي من تتمكن من فهم  هذه العناصر و العمل على توفيرها بطرق نافذة المفعول

كم من مدير في بطولة آسيا  كانوا قبلها مغمورين إعلاميا و لكن التصميم و الإرادة و العمل مع الفريق جعل منهم اسماء يشار إليها بالبنان ، مدير منتخب فيتنام و الجرأة التي أظهرها و تعامله مع مواهب فريقه بطريقة جديدة تمكن من خلالها إيصال الفريق الى ربع  النهائيات لمواجهة منتخب اليابان وكما أن التزام مدير منتخب قطر وإيمانه بامكانيات فريقه حقق للمنتخب الفوز

على الاتحاد البحث على نطاق واسع و بطريقة تعتمد الشفافية و المنهجية العلمية على شخص ليس لديه المؤهلات الفنية فقط بل يمتلك  المواصفات الشخصية و الفنية و الشغف و الرؤيا ويشارك المنتخب و الجمهور والمحبين اماني المستقبل

هذا المنصب يمكن عرضه على اداري يعمل في أوربا في نوادي  على مستوى الشباب هناك احتمالات عديدة و خيارات يجب أخذها بعين الاعتبار، فليس هناك ما يمنع من محاولة البحث عن شخص بمهارة  فيلكس شانز ؟ كما من الممكن منح الفرصة للشخص مثل عمر جعرون ( حاليا مدرب في أكاديمية أتلانتا) ، او الى ليو زامورا ( الذي تمكن من إحراز المركز الرابع  لفريقه في الدرجة الثانية في تشيلي) او الى بابلو عبدالله مدرب فريق ت١٩ سنه في نادي روزاريو سنترال في الارجنتين.

هناك احتمالات متعددة  و اختيارات عديدة ولكن يجب أن يكون هناك التزام جدي بخطة عمل  و في عالم مثالي يمكن أن يكون من ضمن هذه الخطة توظيف مدير تجاري  يشرف على فرص زيادة المردود المالي من خلال الرعايات وتمكين الاستثمار في مرافق اللعب ورعاية النشء  والالتزام بتطوير التدريب و الاهتمام بكل ما يمكن أن يرفد المورد المالي للمنتخب

ويمكن قبول واقع بان ليس كل ما تقدم من اقتراحات ان ينفذ  او يتحقق ولكن الاستثمار في التعاقد مع مدير يملك رؤية وعنده من الإمكانيات والصفات التي تخوله ليقود فريق من اللاعبين متشوقين الى قبول قبول تحدي المشاركة في أولمبياد ٢٠٢٠ و كأس العالم ٢٠٢٢