عمل المدرب الفلسطينيّ مكرم دبوب، وعلى مدى العقد الماضي، في الاتحاد الفلسطينيّ لكرة القدم بشكلٍ أو آخر، شقّ الحارس السابق طريقه الى الأرض المقدسّة عن طريق مدير الفريق الأولمبيّ مختار طليّلي الذي تمّ تعيينه عام 2009 حيث بقي لسنتين في هذا المنصب وقدّم بعض النتائج الجيّدة، كذلّك ساهم في تطوير العديد من اللاعبين الذين واصلوا اللعب مع الفريق الأول. وعمل دبوب، كمدرب حرّاس المرمى- على تحويل الهيكل العظميّ ذي المترين طولاً، ومن حارس مرمى واعد وشابّ، الى لاعب محترف، في إشارة الى حارس المرمى توفيق علي أبو حمّاد.
في بادئ الأمر، كافح اللاعب الشاب لتطوير صدّاته وتوفير الحماية لمرماه، وعمل تدريجياً على تحسين عدّة جوانب من لعبه، وخلال أقّل من ستّ سنوات، بدأ توفيق علي ضدّ العراق في كأس آسيا عام 2015 عندما خطف الأنظار بعد صدّه لركلة جزاء سدّدها الأسطورة العراقيّ يونس محمد.
ممّا يقودنا الى نهايات شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، توفيق عليّ، ولأول مرّة منذ عشر سنوات، لن يشارك مع المنتخب الفلسطينيّ بأي تشكيلة في كأس العرب، إذ أنّه عاد الى فلسطين. الرجل الذي اعتبره دبّوب مشروعه الأول وأصرّ عليه في حين قدّم البديل رامي حمادة مستويات جيّدة في دوري الدرجة الأولى- الضفّة الغربية، ولكّن هذا المشروع قد انتهى. فلسطين بالقائمة المستدعاة النهائية لكأس العرب 2021 تظهر كالتالي:
التشكيلة فوق أيّة مكرمة
توفيق علي لم يكن الوحيد الذي تُرك على دكّة البدلاء في كأس العرب 2021، حيث أجرى مكرم دبوب عدّة قرارات صعبّة لِلَمّ شُتات الفريق، وكان من ضحاياه سامح مرابعه، الذي كان جزءاً مهمّاً لا يتجزأ من إعادة بناء المنتخب الفلسطينيّ بعد أستراليا 2015، لكّنه ليس ضمن القائمة المستدعاة نظراً لحقيقة عدم ملائمته لتشكيلة المنتخب 3-3-4 أو 3-4-3 التي استخدمها دبوب في أول خمس مبارياتٍ له مع المنتخب.
وفي سياق متصّل، فإن المبلغ الكبير الذي ضمنه المهاجم الفلسطينيّ خالد سالم جراء انتقاله الى نادي الحدّ البحرينيّ، لم يعوّضه عن كونه مشروع استصلاح لسّتة مدربين مرّوا عليه خلال لعبه مع المنتخب الوطني. وفي عامه الـ32، يبدو واضحاً أن إطلاق العنان لمواهب المهاجم مستحيلاً تقريباً، إذ أن أداءً فظيعاً قدّمه في مباراتين وديتين أمام كازخستان وبنغلادش حسمت مصيره.
كان استبعاد مرابعه وسالم متوقعاً، لكنّ التخلّي عن موسى فيراوي لم يكن كذلك. اللاعب ذو الـ24 عاماً وقع في معركة قانونيّة طويلة ضحيّةً لقراره بالانتقال من نادي هلال القدس لشباب الخليل، ممّا منعه من اللعب المتواصل، ورغم انضمامه لمعسكر التدريب الداخلّي لمنتخب الفدائي الشهر الفائت، إلّا أن دبوب اتخذ قراره باستبعاده من تشكيلة الفريق.
واستكمالاً لسلسلة المستبعدين، لا ننسى المهاجم إسلام بطران، الذي أظهر مواهبه وقدراته خلال شهر يونيو الفائت، إذ بدأ في تشكيلة المنتخب أمام اليمن، وأسهمت تمريراته في تسجيل هدفين من أصل ثلاثة للفدائي، ثم كبديلٍ في مباراة فلسطين أمام جُزر القمر، وسجّل الهدف الخامس للفدائي في مواجهةٍ توّجت بفوزٍ بخمسةِ أهداف لهدف. غير أن تكتّمه في توقيع عقده مع نادي جبل المكبّر الأسبوع الفائت كلّفه خسارة مكانٍ له في تشكيلة الفدائي.
وبينما نُريد أن نشاهد مزيداً من لاعبي الفدائي من دوري قطاع غزّة، من ضمنهم عبد الله شقفة (احتياط2 ) هو الممثّل الوحيد للقطاع مع الفدائي، فإن البداية المتأخرة للدوري لم تساعد العديد من المرشحين على الانضمام للمنتخب.
فلسطين بدون أبرز لاعبيها
تضمنّت التشكيلة الأوليّة للفدائي 35 لاعباً أمثال عُديّ الدبّاغ، وصالح شحادة وبدر موسى ومحمود وادي، وعلى الرغم من الجهود المبذولة حالياً بشأنهم -يتواجدون خارج الدوحة/قطر-، إلّا أنّه لا يمكن إلقاء اللوم على الجهاز الفنيّ في حالات الغياب هذه، إذ أن بطولة كأس العرب مقرّرة خارج أيام مباريات الفيفا الرسميّة، ولذلك فإن أنديتهم غير مُلزمة بالتخليّ عنهم.
وفي الوقت الذي كسب الجهاز الفنيّ بعض التنازلات من بعض الأندية عندما وافق النادي الإندونيسيّ برسيب باندونغ على التخلّي عن لاعب الوسط محمد باسم. واستطاع النادي المصريّ سيراميكا كليوبترا التخلّي عن لاعب الدفاع مصعب البطّاط، والذي سيعطي الفدائي عنصراً من المفاجأة.
وعلى الصعيد الداخليّ، وعلى الرغم من التقارب الشديد بين اللاعب عبد الله جابر والاتحاد الفلسطينيّ لكرة القدم، فإن نادي سخنين لنّ يتخلّى عن لاعبه للالتحاق بالبطولة. وفي الوقت الذي وقف فيه الكثيرون اعتراضاً على قرار التوقيف الجائر بحقّ المهاجم شهاب قُنبر، والذيّ أصدر الاتحاد قراراً بتوقيفه عن اللعب مع الفدائي وكذلك الحال مع فريقه، بعد أن عاد قُنبر الى أرض الوطن ولم يستطع أن يلعب مع الفدائي ضد نظيره السعوديّ في التصفيات الآسيوية المزدوجة، نتيجةً لتدهورٍ في وضعه الصحيّ حيث أصيب بآلامٍ شديدة في المعدة منعته من القدرة على الطيران. ونتيجةً لقرار التوقيف على المستوى المحلّي فإن رفاقه في نادي جبل المكبّر انسحبوا من مباراةٍ لناديهم ضدّ نادي ثقافي طولكرم، احتجاجاً على عدم إلغاء الاتحاد لعقوبة زميلهم قنبر. تراجع الاتحاد الفلسطينيّ في النهاية عن حظره محلياً، ولكّنه حظره على صعيد المنتخب الوطنيّ ما زال ساري المفعول، حتى لو حاول ناديه إقناع الجمهور العام بأن اللاعب لا يستطيع الانضمام لأنّه يخاف الطيران.
ربما يكون توقيت البطولة سبباً مهماً في إضعاف المنتخب ولكّنه أبعد ما يكون عن النضوب، فتمتلك فلسطين ثلاثة مدافعين في قلب الدفاع (البهداري، حامد وصالح) وهو أمر بعيد عن الفريق خلال آخر نسختين من كأس آسيا، كما لديه حارس مرماه الأول، رامي حمادة، وبديله الأول عُمر قدورة، الذي كان من أفضل المهاجمين في السويد منذ استدعاءه أول مرّة للمنتخب الوطنيّ في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وفي ذات الوقت، هناك كتيبة متكاملة في وسط الملعب، منهم محمد درويش، ومحمد رشيد، ومحمد يامن، كذلك يمكن الاعتماد على تامر صيام، ومحمود عيد، ومحمود أبو وردة وليث خروب.
توقعات لتشكيلة الفدائي
كما ذُكر سابقاً، من المرجّح أن يلعب المدرب الفلسطينيّ دبوب بتشكيلة 4-3-3، التي استخدمها في مواجهة اليمن، وجزر القمر وسنغافورة سابقاً. كما من المتوقع أن يبدأ بذات الأسماء التي لعبت في ذاك الوقت، بينما يكون الاستثناء الوحيد هو عديّ الدباغ.
فلسطين ستبدأ كأس العرب في مواجهة صعبة مع واحدٍ من أقوى الفرق العربيّة، المغرب الذي سيعتمد على مهاجم الأهلي السابق وليد أزارو، وكريم البركاوي (سجّل 15 هدفاً مع ناديه السعودّي الرائد خلال الموسم الماضي)، ولاعب الزمالك أشرف بن شرقي، وهداف بطولة أمم أفريقيا للمحليين لعام 2020 سُفيان رحيمي.
وتُعدّ المغرب واحدةً من الفرق المُرجح فوزها في البطولة، ولذلك هل من الممكن أن نرى الفدائي في وضعيّة الدفاع في مباراته الأولى في البطولة؟ بالنظر الى التونسيّ دبوب، فإنّه قد استخدم تكتيك 3 لاعبين في الدفاع خلال مباراته الوديّة ضد بنغلاديش، إلّا أن هذا التكتيك قيد التجربة، وسيكون دبوب أمام أسابيع من التطوير لتدريب فريقه على أفضل ميزات اللعب بهذه التقنية.
إذا اختار دبوب الأسلوب الدفاعيّ ضد نظيره المغرب، ربما سيلجأ لتشكيلة أكثر دفاعيّة 5-2-3 أو حتى 5-4-1، سيكون هذا مخالفاً للطريقة التي تعامل بها دبوب مع مهمّته حتى الآن؛ الضغط على الخصوم في أعلى الملعب وتركيز غالبية اللعب بعيداً عن مرمى الفريق.
إذا استخدم دبوب الأسلوب الدفاعيّ سيضعف المنتخب المغربيّ الذي يواجه نقصاً في الخبرة في اللعب ضد الفلسطينيّ على أمل ألّا يستطيع أحد من لاعبيه اختراق الدفاع عبر تمريرة قاتلة في مساحة صغيرة. لا ننسى أن 90٪ من خبرة دبوب مع المنتخب الفلسطينيّ تجسّدت في ثلاثة مباريات لعبها الفدائي بأسلوب دفاعيه تحت قيادته وسجّل فيها 12 هدفاً واستقبل فقط واحداً، ولذلك من المتوقع أن يستخدم دبوب هذا الأسلوب الذي أوصله الى ما هو عليه الآن مع المنتخب.
إلى أي مرحلة قد يصل المنتخب الفلسطيني؟
وقعت فلسطين ضحيّة نفسها ونجاحها، ففي الحين الذي أنتجت فيه الدوريات المحليّة عدد من اللاعبين المذهلين وذوي المواهب النادرة كعبد الله جاب، ومحمود وادي، وعدي الدبّاغ، فإن هؤلاء فضّلوا الانتقال الى دوريات أقوى وأندية تقدّرهم. وواجه الفدائي صدمة اعتزال الأسطورة نظمي البدوي، في حين أمّن المنتخب اللاعب الكرواتيّ الدوليّ في منتخب كرواتيا تحت سنّ الـ21 عاماً محمد الغول، فإنّه تعّرض للإصابة كان مؤسفاً بشكلٍ لا يُصدّق. ومع ذلك، يبقى المنتخب صلباً ورغم المواجهة الصعبة مع مجموعة أصعب، فإن ذلك يعّزز فرصة اللاعبين في إظهار مواهبهم وخبراتهم مع جرعة إضافية منها. وربما يكون الحلّ في تقدّم المهاجمين قطميش ودهامشة، واتحاد أبو وردة وأبو حبيب لسّد فراغ البدويّ في الوسط.
ومن الجدير بالذكر أنّها ستكون مفاجأة إن تأهل الفدائي من مجموعته، خاصّة وأنّه يواجه النظير المغربيّ والأردنيّ الذي يلعب مع فريقه الأول باستثناء غياب لاعبه موسى التعمرّي الذي يتخذ من بلجيكيا مقراً له.
إذا استطاع المنتخب إنتاج لعبة جيّدة وكرة جميلة بغضّ النظر عن الخسارة، فإن ذلك يُحسبُ فوزاً له وتقدماً ملحوظاً خاصّة بعد الفشل في كأس آسيا عام 2019، فقد خرج الفدائي بنقطتين، ولم يسجّل أي هدفٍ بعد أن لعب في خطّة صارمة دون أيّ نيّة في الهجوم.
هل تريد أن تصبح جزءً من تشكيل نادٍ فلسطينيّ لكرة القدم؟ سجّل معنا وكن عضواً في نادي كنعان اف سي